20 يونيو 1981 – 20 يونيو 2017، حتى لا ننسى..
بقلم: محمد عطيف
قررت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تنظيم مسيرات احتجاجية ليلية بالشموع يوم الثلاثاء 20 يونيو 2017 ، و هو التاريخ الذي يصادف الذكرى 36 لانتفاضة الدار البيضاء يوم السبت 20 يونيو 1981 ، و هو اليوم الذي نفذت فيه الطبقة العاملة المغربية و معها التجار الصغار و المتوسطين قرار الإضراب الإنذاري العام الذي دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بعد الزيادات الصاروخية في أقدمت عليها الحكومة يوم 28 ماي 1981 ، و التي شملت كل المواد الأساسية ، كالدقيق ( 40 في المائة ) و السكر ( 50 في المائة ) و الزيت (28 في المائة ) و الحليب ( 14 في المائة ) و الزبدة ( 76 في المائة ) .
لقد جاءت هذه الزيادات بفعل فشل الدولة و الحكومات المتعاقبة في إقامة نظام ديمقراطي يضمن العيش الكريم لجميع المواطنين ، و بسبب ضغط المؤسسات المالية الدولية و انصياع الحكومة آنذاك لتوجيهاتها .
و بالعودة إلى شريط الأحداث ذلك الصباح ، صباح يوم السبت 20 يونيو 1981 ، فإننا نجد أن الحركة كانت عادية إلى أن تدخلت السلطة و أعوانها لإرغام عمال الحافلات على استئناف العمل ، و منح حافلات النقل العمومي إلى أشخاص لا علاقة لهم بالنقل ، و إرغام أصحاب المحلات التجارية و المقاهي و محطات البنزين على استئناف عملهم . كل ذلك بهدف إفشال إضراب إنذاري سلمي كان من المفروض أن يمر في جو هادئ و طبيعي لولا تدخل السلطات العمومية و استفزازها ، و هو التدخل الذي تحول معه الإضراب إلى تظاهرات شعبية عارمة تعبيرا عن السخط و عن الحرمان و احتجاجا على الظلم و الاستبداد .
و قد كانت نتيجة هذا التدخل العنيف ، و الذي شمل جل أحياء مدينة الدار البيضاء ، سقوط مئات القتلى و آلاف الجرحى و المعتقلين و مقابر جماعية و معاناة آلاف العائلات جراء ذلك .
كما تم ذلك اليوم اعتقال قيادات نقابية من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، من بينهم نوبير الأموي الكاتب العام و عبد الرحمان شناف و الكبير لبزاوي و محمد لمراني أعضاء المكتب التنفيذي ، و قيادات سياسية من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، من بينهم محمد كرم و مصطفى القرشاوي ، إلى جانب إغلاق كافة المقرات النقابية و منع جريدة المحرر المناضلة من الصدور .
اليوم و نحن نسترجع هذا الحدث الأليم الذي يعتبر وصمة عار في جبين و تاريخ المسؤولين عنه ، لا بد من استمرار المطالبة بالكشف الكامل عن الحقيقة و تحديد المسؤوليات . لا بد من معرفة العدد الحقيقي للقتلى و الذي قدرته بعض التقارير بأكثر من ألف قتيل ، و معرفة مكان دفن من بقي منهم مجهولا . لا بد من إعادة الإعتبار إليهم و إلى عائلاتهم المكلومة و إلى الجرحى و المعتقلين . لا بد من محاسبة المسؤولين عن قمع و تقتيل مواطنين أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم خرجوا يطالبون بشكل سلمي بإلغاء هذه الزيادات التي جاءت لتقتل فيهم ما تبقى من حياة يتحملونها بصعوبة ، في حين تعيش طبقة ميسورة حياة الترف و التبذير على حساب بؤسهم و شقائهم .
و في الأخير على الجميع اليوم ، و على الخصوص المسؤولين على صعيد الدولة و الحكومة و المؤسسات المنتخبة ، استحضار ما وقع حتى لا يتكرر ، و لن يتكرر إلا بنهج سياسة مبنية على الإنصاف و احترام كرامة المواطنين و حقهم في تدبير شؤونهم عبر آليات ديمقراطية حقيقية و شفافة ، و مبنية على محاربة الفساد و المفسدين و محاسبة كل المستغلين لطاقات و خيرات وطننا لحسابهم الشخصي .
رحم الله شهداء 20 يونيو 1981 و غيرها من محطات نضالات شعبنا و طبقتنا العاملة ، و لنكن في مستوى مواصلة النضال حتى تحقيق ما ضحوا من أجله ، و هو الحرية و العدالة و الكرامة و الديمقراطية .