قضايا الشباب

ما هي التحوّلات الكبرى التي يعرفها المجتمع، والتي لها تأثير على الشباب؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، ينبغي إبراز خاصيتين اثنتين تميز شباب اليوم.

  • لقد كان الشباب دائما في قلب التحوّلات الاجتماعية، باعتبارهم فاعلين ومتفاعلين مع هذه التحوّلات. وذلك بفعل عوامل اجتماعية واقتصادية، مثل تمديد التربية ، وارتفاع سن الزواج، وصعوبة الانخراط في سوق الشغل.
  • إنّ التحوّلات التي تعرفها المجتمعات النامية، وبالخصوص المجتمع المغربي، تمسّ في العمق نمط التطبيع الاجتماعي. ذلك أنّ ظواهر متعددة والتحوّلات المجتمعية يعيدان تشكيل نمط التطبيع الاجتماعي هذا

أولا: ظاهرة العولمة: سياق العولمة الذي أدى إلى خلق وترابط اقتصادي واجتماعيّ وثقافي بين المجتمعات. وهذا يضع المجتمع المغربي داخل دينامية مزدوجة، إحداهما داخلية مرتبطة بتطوّرها الخاص وبتحوّلات بنيتها الاجتماعية والثقافية، في حين أن الثانية خارجية ترتبط بأثر ومفعول العولمة. ومن ثمّ إذن، فإن الشباب يتأثّرون بهذه الدينامية المزدوجة، ويجدون أنفسهم داخل مظاهر ثقافية معقدة للانتماء والانتساب الهوّيّاتيّ. وهذا ما يجعل شباب اليوم مختلفا عن الجيل السابق. بهذه الكيفية وجد شباب اليوم نفسه خاضعا لتطبيع اجتماعيّ في إطار عولمة تطبع بطابعها العلاقة بسوق الشغل، مثلما تطبع نمط الحياة ونمط الاستهلاك والانتماء الثقافي.

وعلى الصعيد الاقتصادي، فإنّ السوق العالمية للشغل بإمكانها أنْ توفّر فرص العمل للشباب الحاصل على شهادات، والمتوفّر على كفاءات ومؤهلات لغوية. أما بالنسبة للشباب غير الحاصل على شهادات، فإن سوق الشغل تمارس عليه جاذبية، وبالتالي يدفعه دفعا إلى الهجرة الشرعية والسرّيّة. توفّر العولمة الفرصَ عبر انفتاح حدود سوق الشغل، غير أنّ التراتبيات الاجتماعية في صفوف الشباب تختلف بين أولئك الذين يتطلّعون إلى الهجرة السرية بحثا عن العمل في الغرب، وبين الذين يتوفّرون على كفاءات ومؤهلات لغوية تخوّل لهم إمكانات الحصول على الفرص التي توفّرها السوق العالمية للشغل.إنّ ما يميّز الشباب في سياق العولمة هو «وعيهم وحساسيتهم تجاه الظرفية»، فالأزَمات المُجُتمعية، سواء أكانتْ أزمات سياسية أمْ اقتصاديّة أمْ ثقافية يكونُ لها مفعول وصدى على الشباب.

ثانيا: اللاّيقين وخطر التقهقر الاجتماعي : يجد الشباب نفسه تحت وطأة وضغط نظام اقتصادي وسياسيّ لا يطمئنه، بل إنه يخلق لديه وضعية عدم رضى دائم أمام انعدام اليقين. وتتجلى مؤشرات وعوامل أشكال اللايقين فيما يلي:

  • العولمة تبعث برسالة أزمة: أزمة مالية، اقتصادية، أزمة دول جهوية…
  • الدولة الراعية تفقد سيادتها. إن الارتباط المتزايد بين المجتمعات، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، يجعل من سيادة ومراقبة الدول الوطنية أمرا متقلّبا على المستوى الاقتصاديّ. ذلك أنّ تحرير الاقتصاديات يشرع الباب أمام نوع من اللايقين والمصادفة الاجتماعية التي تمسّ كل المجموعات الاجتماعية، غير أنها تمسّ الشباب بصورة أساسية.
  • يعلنون للشباب سياسات وبرامج وإصلاحات تسعى إلى تحقيق التنمية وإدماج الشباب، غير أنّ كلّ هذه الدعوات لا تتمّ ترجمتها دائما في الواقع من خلال عمليات ملموسة لها مفعولها الذي يغيّر شروط الشباب وظروفه، ويستجيب لانتظاراته.
  • تجد الدولة والحكومات صعوبات في الاستجابة لحاجيات وتطلعات الشباب على مستوى التشغيل وأدوات الترفيه… مثلما تجد صعوبات في تجاوز أشكال العجز الاجتماعية، ووضع سياسات ملائمة بهدف خلق تنمية مستدامة.
  • بلبلة في المعايير الثقافية تخلق مخاوف وشكوكا، وبالتالي تفضي إلى خلف آليات دفاع. فالشباب اليوم يطرح أسئلة من قبيل: كيف يمكن الحفاظ على على الحدود الثقافية حين تكون هذه الحدود متحرّكة؟ كيف يمكن الحفاظ على هوّيّتنا حين تكون هوية الآخر اجتياحيّة؟
  • انعدام اليقين تُجاه الحركيّة الاجتماعية وخوف من التقهقر الاجتماعيّ للشباب المنحدر من طبقات متوسّطة.
  • أمام انعدام اليقين هذا، يعمد قسْم من الشباب إلى الاحتماء برموز التقليد والدين، رموز يعتبرونها قيما موثوقا فيها. قسم آخر من الشباب يعمل على إسماع صوته من خلال الانخراط في الفنّ والرياضة وغيرهما، وقسم ثالث يحمل مطالبه إلى الساحة العمومية.
  • إنّ العمل هو واحد من وسائل الشعور بالأمن والاندماج الاجتماعيّ في المجتمع وفي العالم. وهناك نسبة هامّة من الشباب التي استفادت من التقدّم الحاصل في مجال التربية والتعليم، لكنها لم تتمكّن من جنْي ثمار تعليمها والولوج إلى سوق الشغل. هكذا يخلق التعليم، الذي يُفتَرضُ فيه أنْ يفضي إلى الاندماج الاجتماعيّ وتطوير الشخصية، وضعيةَ إحباط، وشعورا بالإحباط، في وضعيّة لا يساوي فيها الحصولُ على شهادة ارتقاءاً اجتماعياً بالحصول على العمل.

ثالثا: الثورة الرقمية : نحنُ اليوم أمام جيل منخرط اجتماعيّا في صيغة التواصل عبْر الأنترنيت، وهو ما يُطلق عليه بالإنجليزية «digital natives». وإذا أصبح الأنترنيت لغةً، فكلّما تعلّم الشاب في وقت مبكّر، كلما اعتمد وفضّل هذه الصيغة التواصليّة. إن التواصل عبر الأنترنيت بات واقعا اجتماعيّا وفضاء جديدا للانخراط الاجتماعيّ. فعبْر الأنترنيت، الذي يسمح بربْط علاقات بأفراد آخرين، يصبح الشابّ قاطنا لفضاء جديد مع شكل جديد من التنشئة الاجتماعية. وإذا كانت العلاقة بين أفراد العائلة أمْرا قائما ومكتسبا، فإنّ العلاقات التي تُربط بين أشخاص لا يرتبطون ببعضهم البعض من قبلُ بأيّ رابط، هي علاقات يساعد عليها الحاسوب، وتُبْنى في إطار فضاء وثقافة رقمييْن. إنّ العلاقة الحميميّة التي يقيمُها الشباب اليومَ بالأنترنيت واستعماله تحقّق عمليّة الفرْدنة والاستقلالية. لمْ يعد الشّاب مرتبطا فقط بالمجموعات الواقعية التي ينتمي إليها كالأسرة، وإنما بات يربط، باعتباره فردا حرّا، علاقات أُخرى و»صداقات» ب»مساعدة الحاسوب» داخل الفضاء الرقميّ، ومن هنا خلق له «معنى للعشيرة الافتراضيّة». وهذه العشيرة الافتراضية تمنح له معنى للانتماء لا يتوفّر عليه باعتباره فردا وحيدا أمامَ الحاسُوب.

رابعا: اتّساعُ سوق القيم :

ظاهرة دوران-انتشار القيم داخل سوق واسع للقيم. فإلى جانب القيم التي كانت تقليديّا خاصّة بالمجتمع المغربيّ ومميّزة له: كالزواج، التضامن العائلي، الدّين وجدنا أنفسنا أمام قيم جديدة: التحرير والحوار بخصوص تربية الأبناء، استقلالية الزوْجيْن، العائلة الضيّقة، مشاركة المرأة ، المساواة بين الرّجل والمرأة والديمقراطية… إنّ التحوّل الكبير يكمن في سيرورة معقّدة حيث القيم التقليدية والقيم الجديدة يعاد صهرهما وتشكيلهما وأحيانا تهْجينهما. لقد جرتْ عملية التطبيع الاجتماعيّ للشباب داخل المجتمع في سياق مطبوع بما يلي:

  • في بعض الحالات تغدو القيم التقليدية وسيلة للدفاع الذاتي من أجل مواجهة الآخر على أرضية القيم.
  • أصبحت قنوات إنتاج القيم متعدّدة: الدين، المدرسة، وسائط الإعلام، العالم الافتراضي الخ. وهذا يمنح للأفراد والجماعات لائحة من الاختيارات الاستراتيجيّة للقيم.
  • أزيحت العائلة اليوم من طرف أطر أخرى للانتماء بالنسبة للشباب: الأصدقاء والأشخاص الافتراضيّون عبر الأنترنيت. ومن ثمّ، فإنّ الشباب صار خاضعا لتنشئة اجتماعيّة متعددة.
  • من هنا وجد الشباب نفسه أمام قيم متنافسة، مع تعدّد لقنوات إنتاجها. وهذا لا يمرّ دون أنْ يخلق توتّرات ومفاوضات حول القيم، لأنّ الشباب لم يعد إزاء خزّان واحد للقيم، بلْ أمام تعدّد لخزّانات القيم التي تسمح لهم باختيار طريقة التلاؤم مع واحدة منها أو أكثر.

خامسا: الشباب في تحوّل :

  1. أخذ الكلمة : من بين الآثار البارزة لهذه التحولات على الشباب، هي إمكانية تناول الشباب للكلمة. من الملاحظ أنّ الشباب يأخذ الكلمة من أجل التعبير عن نفسه في إطار ليبرالية تعززها وسائل الاتصال. إن التحرر من سلطة الكبار أفضت الى تعزيز وتشجيع الشباب على أخذ الكلمة والذي يخذ أشكالا مختلفة عبْر الفنون، وإنتاج ثقافة شبايبة، وعبر الاندفاع الاحتجاجيّ. هذا الأخير الذي أصبح واحدا من العلامات المميّزة لشباب العقود الأخيرة، ليس داخل المغرب فحسب، ولكن عبر العالم ككلّ. فالشباب هي الفئة الاجتماعية التي تتقدم الأحداث عند كل عملية احتجاج. إنّ الاحتجاجات والمظاهرات في ساحات عواصم عدد من البلدان: «ساحة التحرير» في القاهرة، «ساحة التقسيم» بإسطنبول، «ساحة برادو» بمدريد، «شارع محمد الخامس» بالرباط (احتجاجات الشباب المعطّل الحاصل على شهادات) يقوم بها شباب «ساخط» يحمل مطالبه إلى الفضاء العموميّ.
  2. احتلال الفضاء العموميّ : لقد انتقل احتجاج الشباب، الذين أصبحوا فاعلين أساسيين له، إلى الفضاء العمومي، وذلك في اتجاه تملّك هذا الفضاء من أجل التظاهر وتحدّي قوات الأمن وتأكيد حضورهم في هذا الفضاء. فإنّ الصراع الذي كان يقتصر في الماضي على صراع الأجيال، أضحى اليوم صراعا مفتوحا ضدّ أشكال أخرى للسلطة: مثل الاحتجاج على قانون أو قرار حكوميّ أو سياسية أو فكرة أو إيديولوجيا، وجميع أنواع المطالب الاجتماعية الخ. وإذا كانت ظاهرة المعطلين من أصحاب الشهادات الجامعية بالمغرب، قد أدّت إلى الحطّ من قيمة ومصداقيّة الشهادة الجامعية داخل المجتمع، فإنها قد أدّت كذلك إلى إحداث إحباطات كثيرة في صفوف الحاصلين عليها. وهذا الإحباط هو الذي يعبّر عنه الشباب من خلال التظاهرات التي ينظمها بانتظام في الفضاء العموميّ، من أجل الطالبة بحقّه في العمل. إن هذا الشباب، الذي يعتبر نفسه بمثابة نخبة متعلّمة في المجتمع، حاصلة على شهادة يقلّل من شأنها سوق الشغل، يعبّر عن مخاطر النظام الاقتصادي والاجتماعي، ويزيد من فقدان ثقة الشباب في هذا النظام.

وعلى صعيد آخر، فإن هذا الشباب المتواجد في أرضية الاحتجاج العمومي لا يشكل جسدا واحدا منْسَجما، بلْ إنّه تخترقه اختلافات اجتماعيّة وإيديولوجية. فشاب إسْلاميّ يمكنُ أنْ يتواجدَ بجانب شابّ ماركسيّ أو ليبراليّ من أجْل تنْشيط وتحْريك الشباب. شابّ آخر، باسْم الحداثة ومسْكون بنموذج الحرّية الشّمولية، يحطّم كلّ علاقة بسلطة ثقافة ماضي، في حين يطالب آخرون بحرّيّة المعتقد الخ. وهذا ما يؤدّي إلى انقسام وتشتّت هذه المطالب الشبابية في الفضاء العموميّ، وتباين المثل العليا التي تحملها، والتي تبدو في بعض الأحيان مُثُلا متناقضة. وتدعم هذا التشتّت الثورة التكنو-معلوماتية التي توفّر للشباب فضاء مفتوحا على كلّ التطوّرات الممكنة.

  1. احتلال الفضاء الافتراضيّ : لقد ساهم الأنترنيت في تعزيز ثقافة الحرية، وفي خلْق محيط يسمح باقتسام المعلومات والصور والأفكار، بحيث جعلها بين يدي الشريحة الواسعة من المبحرين في عالم الأنترنيت. فبإمكان كل واحد أن يدخل إليه بدون موانع، ويبدي رأيه، ويبعث بمعلومة أو خبر الخ. ومن ثم، فالأنترنيت أسّس لثقافة سياسية جديدة تقوم أساسا على الحرية المطلقة من أجل التعبير عن الأفكار وممارسة النقد السياسي للسلط والأنظمة. وهو بمثابة «اللا شعور السياسي»، أو بالأحرى بمثابة عالم سياسيّ مواز للعالم السياسي التقليديّ.

ويعطي  لكلّ واحد إمكانيّة اكتساب جرأة تغيير الخطوط الحمراء التي يفرضها القانون السياسيّ التقليديّ وممارسة حرية «القوْل»، وكتابة الآراء والتعبير عنها بواسطة الصور. فكل مستعمل للأنترنيت، خلف جهازه، يوجد في وضعية مساوية للآخرين الذين يستعملون نفس الوسيط التواصليّ. يتفاعل معهم في الوقت ذاته ليتقاسم ويتلقّى. بإمكانه إبداء رأي، أو تقديم معلومة كتابة أو بالصورة أو بالفيديو، بشكل فوريّ، متجاوزا بذلك الرقابة الذاتية، دونما خوف من تكسير الطابوهات، ولا خوْفا من ضغوط العقاب. يتعلق الأمر بمحيط بلا حدود، ينفلتُ من مراقبة الحاكمين؛ محيط بلا حرّاس وبلا فارز ومُصَفّ للمحتويات، وبلا حَكَم يميّز بين المعلومات الخاطئة والمعلومات الحقيقية. هذه الحرية  تزيد من تقويتها وتعزيزها شبكة الفايسبوك التي تسمح للفايسبوكيّين بتكوين مجموعات اجتماعيّة، والتواصل فيما بينها في اللحظة نفسها، ومواصلة الاتصال على الشبكة. كلّ مرسل للمعلومة، على الفايسبوك، هو مُستقبل في الآن ذاته، وكلّ مستقبل هو مرسل. وهذا ما يجعل من كلّ فايسبوكيّ مساهما في إنتاج الأفكار وفي توزيعها ونشرها. لقد منحَ الأنترنيت ومختلف شبكات مواقعه الاجتماعية، ك «الفايسبوك» و«تويتر»، للأفراد فضاءات واسعة لممارسة حرية افتراضية، كما وفّرتْ الاستقلالية، وحرّرت الكلام، ووسمحتْ بممارسة النقد والنقد المُضادّ. إن الأنترنيت ينتج بكيفية دائمة صيغا جديدة لتنظيم التواصل بكل حرية في التعبير.

وعلى الصعيد السياسي، يُعتبر الفضاء الافتراضيّ فضاءً للتعدّد إلى الحُدُود القصوى. بحيث يأوي كلّ الاتجاهات ويجعلهم متساكنين ومتواجدين في المكان نفسه مع بعضهم البعض. كما أنه محيط يقبل الفاعلين داخله بهذا التعدد. كما أنّ الفضاء الافتراضيّ هو كذلك حامل لأشكال التعبير الأخرى: التعبير الفنّي، الفنّ، الأغنية، بحيث يعطي لكلّ شخْص إمكانية الحضور الفردي، ويجعل تعبيره ماثلا للعيان.

  1. هل يتعلق الأمر بعزوف الشباب عن السياسة والنقابة أمْ بمُمارستها بطريقة أخرى؟ : ثمّة مفعول آخر لهذه التحوّلات المجتمعيّة على الشباب، وهو الذي يتجلّى في بروز علاقة جديدة بالسياسة والنقابة والجمعية . فإننا غالبا ما نسمع من يقول إنّ الشباب لا يبالي بالسياسة، ولا بالنقابة  وبأنّ هناك عزوفا عن السياسة من طرف الشباب. والحال أنّ قسْما كبيرا من الشباب، الذي تمّت تنشئته الاجتماعية في سياق التحوّلات المذكورة أعلاه، يمارس السياسة والنقابة  بطريقة أخرى مخالف لما توفّره له الأطر الكلاسيكية

هذا الشكل من التسييس والتنقيب  لا يندرج بالضرورة في إطار مشروع لحزب سياسيّ  او لمؤسسة النقابية منظّمة ، بقدْر ما يندرج في اطار حركات، ترى الوجود أحيانا بصورة لحظيّة وفوريّة، من أجل نقل مطلب ما، من طرف تنظيمات عابرة تكوّنت، في بعض الأحيان، بكيفية مناسباتية. وفي مستوى آخر، فإنّ حركات هذا الشباب يمكن أنْ تكون بلا رأس، بلا قائد، ظهرت للوُجود بكيفية لحظيّة، غيْر هرميّة، بدون زعامة. (يبقى أنه في بعض الحالات تلعبُ بعض الوجوه لعْبة النّجوميّة الفضاء الإعلاميّ). إنّ الشباب، المسْكون بتمرّد ما، ظاهر أو خفيّ، يمارس السياسة بدون فكرة نظرية عن الوجود  السياسيّ او النقابي . فالاحتجاج يتحوّل إلى انفجار آنيّ ولحظيّ سرعان ما يخبو بعد تلبيته أو قمعه، ليظهر من جديد في أشكال أخرى.

  1. خاتمة : يتاثر شباب اليوم بالتحوّلات الكبرى لهذا المجتمع بطريقة تفاعليّة. وهذا ما يوحي على الصعيد الفرديّ بمسارات متعددة. فالعولمة، وتراجع السلطة العائلية التقليدية، والحرّية المكتسبة على صعيد العالم الافتراضيّ، والتي امتدّت إلى العالم الواقعيّن والخوف من اللايقين ومن التقهقر الاجتماعيّ، وكذا حرية سوق القيم والإيديولوجيات، كلها جعلت التنشئة الاجتماعية تتمّ من خلال قنوات متعددة.

في هذا السياق، يتوفّر الشّباب على سجلّ واسع من الإمكانيات التي تجعلهم يختارون انطلاقا منها معاييرهم واتّجاهاتهم الخاصّة. فالبعض سيتموْضع في اتجاه التطرّف الديني أو في اتجاه تطرّف آخر، والبعض الآخر سيختار تمرّدا يلطّفه الغناء (الرّاب، الهيبْ هوبْ، موسيقى التكنو، الفنّ، الرياضة…)، بينما سيغامر آخرون في المجال الاقتصادي، بخلقهم لمقاولات اقتصادية، أما البعض الآخر فقد اختار النشاط الاحتجاجيّ من خلال احتلال الفضاء العموميّ (المعطّلون الحاصلون على شهادات)، في حين اختار غيرهم الانخراط في المجتمع المدني او في عالم الشغل والبحث عن مسار مهني …ومن ثمّ، فإنّ التنشئة الاجتماعية التي كانت تسعى، في الماضي، إلى إنتاج فرْد مُلائم لمُجتمعه، حلّتْ محلّه بصورة تدريجيّة تنشئة اجتماعية متعدّدة هي التي يخضع لها الشباب اليوْم. وهذا النوع من التنشئة الاجتماعية يوفّر معايير متعددة، وبالتالي يجعل الشباب يختار بكيفية فردية الكائن الاجتماعي الذي يرغب في أن يكونه، ويختار مستقبله.

سادسا: الملامح الكبرى لوضعية الشباب بالمغرب:

بالمغرب حيث يمثل الشباب المخزون الديموغرافي الأهم، يعيش الشباب واقعا مأساويا في غياب سياسة مواكبة لتطلعات وحاجيات الشباب وفي تجاهل تام لوعي الشباب المتزايد بحقوقه. نحاول في هذا التشخيص الرصدي تتبع وتجميع مؤشرات حول الوضع الشبابي المغربي، منها ما هو مستقى من تقارير لمراكز ومؤسسات دولية وأغلبها مأخوذ من تقارير مؤسسات مغربية رسمية نعتمدها على نسبيتها والتي غالبا ما تكون محجمة ومُضللة في غياب الحق في الحصول على المعلومة، لكنها تظهر جزءا من حجم المأساة.

  1. نسبة الشباب في الهرم السكاني المغربي: يشكل الشباب نسبة مهمة في الهرم السكاني المغربي، حيث كشفت إحصائيات حديثة أن نسبة الشباب -الفئة العمرية ما بين 15 و34 سنة- تمثل أزيد من 34 % من التركيبة السكانية المغربية. أي من الناحية العددية 11.7 مليون شاب. 1 هذه المؤشرات الرسمية، تؤشر على وجود رأسمال بشري شبابي مهم ومخزون استراتيجي يمثل حاضرا حيويا ومستقبلا واعدا للبلاد، ومصدرا متجددا للمجتمع إن أحسن استثماره وأتيحت له الفرصة للمساهمة الفاعلة في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. واقع حال الشباب المغربي يقول عكس ذلك بالنظر إلى ما يعشه من مشاكل بنيوية تعاني منها كل فئات المجتمع المغربي، في ظل نسق سياسي للاستبداد والفساد ويقمع ويهمش كل صوت حر ينادي بغد أفضل للمغاربة.
  2. التعليم والتشغيل: تكريس للفوارق وإنتاج للفشل وهجرة نحو المجهول: لن يجد الباحث والمتتبع عناء ولا مشقة في جرد أهم الأعطاب الأساسية التي تعاني منها منظومتنا التعليمية، والتي جعلتها مصدر معاناة وتيئيس للشباب منذ حداثة سنه، بدل أن تشكل مصدرا للتشجيع ومنبعا للإلهام وفتح الآمال الواعدة التي تزين مخيلة كل شاب وشابة في مرحلة الدراسة والتحصيل
  3. ثلث الشباب المغربي لا يعملون ولا يدرسون! يزداد تصنيف التعليم في المغرب تقهقرا في كل التقارير الدولية. بل إن الإقرار بهذا الفشل بات يتردد على كل لسان من أعلى سلطة في البلاد إلى أبسط تلميذ أو طالب يعيش مأساته. حيث أظهرت مؤشرات قياس مستوى التعليم بالمغرب أن 270 ألفا من الفئة العمرية ما بين 15 و34 تغادر المدرسة سنويا، ونسبة البطالة تصل إلى ضعف المعدل الوطني فيها، أي 20%، فضلا عن أن الفئة التي تتوفر على مناصب شغل 50 في المائة منهم لديهم وظائف ضعيفة وفي مؤشر جد دال ف %29.3 هي نسبة الشباب المغاربة المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاما، الذين لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين خلال سنة 2017. وهي النسبة التي تعادل 4 ملايين شاب من أصل 11 مليون في الشوارع بلا شغل ولا تعليم. 3
  4. عطالة وبطالة تتراكم كل سنة: هذا ما أكدته دراسة حديثة بتاريخ 05/02/2018 حين أعلنت المندوبية السامية للتخطيط أن عدد العاطلين سنة 2017 قد ارتفع بـ 49.000 شخص، كلهم بالوسط الحضري، مما زاد من حجم البطالة بنسبة 4,2%، تفوق تلك التي عرفها حجم التشغيل 0,8%، وأن أعلى معدلات البطالة والشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24سنة ب 26,5%، وحاملي الشهادات ب 17,9%. 4
  5. نسبة الشباب المغربي في الوظيفة العمومية حسب تقرير حول الموارد البشرية، مرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2018، فإن أكثر من 45% من الموظفين المدنيين تتراوح أعمارهم من 40 إلى أكثر من 55 سنة، هذا فيما لا تتجاوز نسبة الموظفين الشباب أقل من 25 سنة 9%، ونسبة الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة 35% 5، رغم أعداد الموظفين المحالين على التقاعد وأعداد الشباب الموظفين بالتعاقد.
  6. هجرة الشباب المغربي: كشفت دراسة حديثة -اشتغلت على عينات شبابية- لمؤسسة بحثية تابعة للاتحاد الأوربي في تقرير سمي ب “صحوة” خلال شهر فبراير 2017 أن 20% من الشباب المغربي يرغب في الهجرة من بينهم حملة الشهادات وذلك بسبب شعورهم بالإحباط، وأوضحت أن السبب الرئيسي الذي يدفع بهؤلاء الشباب إلى الهجرة هو إيجاد وظيفة شريفة وشروط عيش أفضل. 6 وفي استطلاع حديث، أجرته بوابة التوظيف Rekrute.com خلال شهر أبريل الجاري 2018، تم رصد أن 91 % من المغاربة مستعدون لمغادرة المغرب والاستقرار في الخارج. وأفاد الاستطلاع، أن الشباب المغربي أقل من 35 سنة بنسبة 66 % يرغبون في مغادرة المغرب في أقرب فرصة من أجل تحسين عملهم، و56 % لضمان جودة عيش وبيئة عمل أفضل. 7 الشيء الذي تؤكده وقائع وفواجع قوارب الموت التي تحصد أرواح العشرات من الشباب هربا من شبح الفقر وبحثا عن لقمة عيش كريم خارج الوطن . والتي كان أخرها فاجعة لانزاروتي بجزر الكناري بإسبانيا، حيث فقد الوطن 7 شباب في زهرة عمرهم يوم 15 يناير 2018 جراء البرد القارس على متن قارب مطاطي كان يقل 27 مرشحا للهجرة السرية، ونقل 16 مصابا منهم إلى المستشفى.
  7. تغطية صحية شبه منعدمة وترفيه موسمي غير منظم: حسب معطيات حول السياسة المندمجة للشباب، فإن 75% من الشباب المغربي لا يتوفرون على أية تغطية صحية، بينما 20% منهم مهددون بالإصابة باضطرابات نفسية وصحية. وأن 82% من شباب المغرب لا يمارسون أي نشاط ترفيهي أو نشاط رياضي أو ثقافي 8، في حين تستمر الدولة في غلق العشرات من الفضاءات الشبابية من دور للشباب ودور الثقافة أو تأميمها حسب المزاج والسياسة الرسمية.
  8. العمل السياسي والنقابي : من المعطيات الصادمة أكثر فهي تلك المتعلقة بمشاركة الشباب المغربي في المؤسسات السياسية والحزبية ، والتي لا تتعدى نسبتها 1 % كما أوردت دراسة “صحوة” المشار إليها سابقا أن السخط من السياسة مقلق جدا فحوالي 60 % من الشباب المغاربة الذين هم في سن الاقتراع لم يقوموا بذلك في الانتخابات الأخيرة. 10 ورغم كل التوصيفات التي تتحدث عن سلبية الشباب المغربي وعزوفه السياسي ومشاركته المجتمعية.  فإن الحراك الشبابي إبان 20 فبراير وما تلاه من احتجاجات شعبية قادها الشباب في مختلف ربوع الوطن، فند فرضية العزوف السياسي لدى الشباب. وأكد حقيقة مفادها أن ذلك العزوف والمقاطعة العريضة للانتخابات لم يكن إلا موقفا سياسيا ورد فعل شبابي رافض لشيخوخة المشهد السياسي المغربي ولسياسة الدولة الممعنة في الاستحواذ على مقدرات الوطن. كما ان غياب فئات عريضة من الشباب  العامل عن الفعل النقابي ، ليس إلا نتيجة لثنائية الاحتكار والإقصاء اللتين تمارسهما الدولة واصحاب العمل  اتجاه الشباب. فاصحاب العمل  تحتكر الفعل في المقاولة  وتتحكم في خطوطه وحدوده بما لا يسمح بمشاركة فعالة ومنتجة ومجدية للمؤسسات التمثيلية للعمال والعاملات  و للشباب العامل . وتميع الممارسة النقابية  والتلاعب  بقواعدها بشكل يفقدها المعنى والجدوى.  هذا بالاضافة الى عدم ملائمة التنظيمات النقابية وانفتاحها وتشجيعها للشباب العامل لممارسة حياة نقابية نشيطة بطعم الشباب وانحصار امكانيات تحمل المسؤولات القيادية التنفيذية والتقريرية
  9. العمل المدني: تنميط وتحكم: نسبة أخرى لا تقل ضعفا عن سابقتها فيما يتعلق بمشاركة وانخراط الشباب المغربي في العمل الجمعوي حيث تتراوح نسبة ذلك ما بين %10 و15%1، هذه النسبة الضعيفة التي تعكس مدى ضعف حضور الشباب في مختلف مجالات الفعل المدني والجمعوي، هي نتاج تنميط مجالات النشاط المدني والجمعوي ومحاصرته بلافتات التضييق والمنع، وغلق أبواب الفضاءات الشبابية من دور للشباب ودور الثقافة، أو تهميشها في بنايات مهترئة منفرة غير محفزة. وإفراغها من محتواها وتقزيم دورها في تجميع إرادات الشباب وأفكارهم من أجل فعل إيجابي مباشر وسط المجتمع. إنه نوع من تحجيم دور الشباب ومحاصرة مبادراته وقتل روحه التطوعية وقوته الاقتراحية.
  10. تأخر سن زواج الشباب بالمغرب، اضطرار وليس اختيار: ضمن دراسة حديثة مطلع سنة 2018 أنجزتها مؤسسة “فاميلي أوبتيميز” المتخصصة في بحوث الأسرة والحياة الزوجية، تم الكشف عن أرقام مخيفة تخص ارتفاع نسبة العنوسة في البلدان العربية عموما والمغرب خصوصا الذي تصل نسبتها فيه إلى 60 %.. وأوضحت الدراسة ذاتها، أن أزيد من 8 ملايين امرأة مغربية هن في حالة عنوسة، وهذا ما جعل هذه الظاهرة تتضاعف بنسبة 2.6 في المائة لدى الرجال مقابل 4.6 في المائة لدى النساء. وأشارت الدراسة إلى أن نسبة العنوسة لدى الفئات العمرية التي تترواح بين 18 و24 سنة من الفتيات أصبحت مرتفعة بشكل كبير، وانتقل سن الزواج في المغرب إلى 28 سنة فما فوق لدى الفتيات و27 سنة فما فوق لدى الرجال، 12 نتيجة البطالة والفقر ومحدودية الدخل وضعف القدرة الشرائية والارتفاع المهول للأسعار والعقار.
  11. أورام تنتشر في غياب إعلام يوجه ومؤسسات تحتضن أرقام ومعطيات جد مخيفة ومقلقة تلك التي كشفت عنها مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض المعدية شهر مارس 2017 فيما يخص آفة إدمان الشباب المغربي على مختلف أنواع المخدرات، حين تحدثت عن أن حوالي 600 ألف مغربي يدمنون على تعاطيها بشكل يومي وخاصة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة والمتمركزين على وجه الخصوص بالأحياء المهمشة، بينهم 16 ألفا يدمنون على تناول المخدرات القوية من هيروين وكوكايين. 13 الشيء الذي أكده فريق البحث للكيمياء الحيوية والتغذية والبانولوجيا الخلوية، التابع لكلية الطب والصيدلة بالبيضاء، حين قيامه بتحليل معطيات المديرية الصادمة، وذهب إلى أن هذه المؤشرات تبقى غير مكتملة ولا تعكس واقع الإدمان. لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار سوى الأشخاص الذين يستهلكون هذه المخدرات على الأقل مرة في اليوم، مضيفة أن أهم الأسباب التي تدفع المغاربة إلى الإدمان مرتبطة بالفقر المدقع وانعدام الإحساس بالأمان إلى جانب البطالة التي تمس شريحة كبيرة من الشباب. كما أشار تقرير فريق البحث إلى خطورة أنواع المخدرات المصنعة التي يدمنها المغاربة، والتي أغلبها من مضادات الاكتئاب والمسكنات والمنومات، مشيرا إلى أن ظاهرة الإدمان تنتشر بنسبة 70 % في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 سنة و28 سنة. 14 مخدرات وأقراص مهلوسة تنتج انتحارا وجريمة ودعارة، وهي نتائج متوقعة من الشباب عندما يشتد حوله خناق اليأس والتهميش والتفقير والتجهيل، وعندما تضعف مؤسسات احتضانه وتربيته وتوجيهه، وعندما تقابل حاجياته بالإهمال ومطالبه بالقمع ومعاناته بالاستخفاف، وعندما تبث بعض وسائل الإعلام سمومها القاتلة وميوعتها الماجنة. ويزداد الأمر خطورة عندما يتورط بعض شبابنا المعطل المهمش في امتهان تجارة المخدرات أو الدعارة ما يجعلهم فريسة بين أيدي شبكات الاتجار الدولي في الممنوعات والأعراض. ثم يتحول كل ذلك عنفا وجريمة وانحرافا أخلاقيا، تجاوز كل الحدود ليُسقط حصون المدرسة والجامعة اللتين كانتا منبعا للأخلاق والقيم. كل ذلك لم يدفع الدولة بعد لاتخاذ إجراءات عاجلة تحمي جسمنا الشبابي من هذا الورم الآخذ في الانتشار، وتكتفي بتدبيج التشخيصات وتوضيح الواضحات وكأنها ليست هي المعنية باتخاذ القرارات واستباق الانحدارات. هذا غيض من فيض واقع شبابي،. واقع يعكس الفوارق الاجتماعية الصارخة ويفسر تنامي الاحتجاجات الشبابية والشعبية المستمرة في العديد من مدن وقرى المغرب بعد فواجع الموت غرقا أو طحنا أو حرقا من أجل لقمة العيش، حيث أصبح الشباب يرفع شعارات مطلبية واضحة بمضمون سياسي واجتماعي تدعو لبناء مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، أمام تمادي المخزن في نهج سياساته المستحوذة على مقدرات الوطن.
  12. الشباب في مجال العمل / ارقام صادمة أحدث الاقتصاد المغربي،ما بين سنتي2016 و2017، 86.000 منصب شغل، منها32.000 بالوسط الحضري و54.000 بالوسط القروي، مقابل فقدان37.000  منصب سنة من قبل.  فإن عدد العاطلين قد ارتفع بـ 49.000 شخص، كلهم بالوسط الحضري، مما رفع عددهم الإجمالي، على الصعيد الوطني، إلى1.216.000 شخص. وبزيادة في حجم البطالة بـلغت نسبتها4,2%،تفوق تلك التي عرفها حجم التشغيل(0,8%)، فقد ارتفع معدل البطالة من 9,9% إلى 10,2% على المستوى الوطني ومع النصف الاول لسنة 2018 وصل الى مايفوق 11 في المائة ، ومن14,2% إلى14,7%  بالوسط الحضري في حين ظل مستقرا في4%بالوسط القروي.  وسجلت أعلى معدلات البطالة في صفوف النساء ب14,7%، والشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24سنة ب26,5%،وحاملي الشهادات ب17,9%. و بلغ حجم السكان في حالة شغل ناقص1.044.000 شخص. أما معدل الشغل الناقص فقد ارتفع بـ 0,2نقطة مقارنة مع سنة 2016، منتقلا بذلك من 9,6% إلى9,8%على المستوى الوطني ،ومن 8,7%إلى 8,9% بالوسط الحضري، ومن10,7% إلى10,8%بالوسط القروي . ولتأكيد الوضعية المتأزمة التي يعيشها شباب المغرب، تؤكد المعطيات عن  إرقام صادمة فقرابة شاب واحد  من بين كل أربعة شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة (1.685.000 شاب) على المستوى الوطني لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين، ونسبة 44 في المائة من هؤلاء إناث (1.319.000 شابة) و11,7 في المائة ذكور (366.000 شاب)، فالساكنة في سن التمدرس بالتعليم الثانوي التأهيلي (15-17 سنة) 14,2 في المائة (300.000 شاب) لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين. تبلغ هذه النسبة 24,6 في المائة لدى الإناث (243.000 شخص) و5,1 في المائة لدى الذكور (58.000 شخص). ومن بين الاشخاص البالغين من العمر 18 و 24 سنة، تبلغ هذه النسبة 34,6 في المائة (1.385.000 شخص) و53,5 في المائة لدى الإناث (1.077.000 شخص) و15,5 في المائة لدى الذكور (308.000 شخص).
  13. ضعف هيكلي ودائم في مجال التاهيل والتكوين كشفت المعطيات الرسمية أنه من بين 10.642.000 نشيط مشتغل من البالغين من العمر 15 سنة فما فوق، 6.426.000 بدون شهادة (60,4 في المائة)، 2.900.000 لديهم شهادة ذات مستوى متوسط ( 27,2 في المائة) و1.316.000 لديهم شهادة ذات مستوى عالي (12,4 في المائة) ومن بين النشيطين المشتغلين الذين لا يتوفرون على أية شهادة، 3.337.000 يشتغلون بقطاع “الفلاحة الغابة والصيد” (أي، 82,5 في المائة من الحجم الإجمالي للشغل بهذا القطاع)، 676.000 بقطاع “البناء والأشغال العمومية” (64,9 في المائة)، 603.000 بقطاع الصناعة (50,3 في المائة) و1.802.000 بقطاع الخدمات (41,5 في المائة
  14. تصاعد دائم لبنية الهشاشة يمثل الشغل غير المؤدى عنه 20,5 في المائة من الحجم الإجمالي للشغل على المستوى الوطني حيث يهم 2.178.000 نشيطا مشتغلا من أصل 10.642.000، منهم 91,2 في المائة بالوسط القروي (أي 1.987.000 شخص). كما أن 9 في المائة من النشيطين المشتغلين (958.000 شخصا) هم مياومون أو موسميون. ما يقارب 5 في المائة من النشيطين المشتغلين يعملون جزءا من الليل وآخر من النهار، و 3 في المائة بالتناوب ما بين الليل والنهار و1 في المائة لا يشتغلون إلا بالليل. أربعة نشيطين مشتغلين من بين كل عشرة (4.325.000 شخص) اشتغلوا لمدة تفوق 48 ساعة في الأسبوع على المستوى الوطني، 47 في المائة بالوسط الحضري (2.549.000 شخص) و34,1 في المائة بالوسط القروي (1.776.000 شخص)؛ ونشيط مشتغل من بين كل اثنين في صفوف الرجال (3.935.000 شخص) و14,2 في المائة في صفوف النساء (391.000 شخص).
  15. ضعف تنظيم وحماية العاملين ما يقارب ثلثي العاملين (3.093.000 شخص) لا يتوفرون على عقد عمل تنظم علاقاتهم مع مشغلهم، منهم 716.000 بقطاع “البناء والأشغال العمومية” ، أي ما يعادل89,7 في المائة من إجمالي اليد العاملة بهذا القطاع. كما أن 96,6 في المائة من النشيطين المشتغلين (10.282.000 شخص) غير منخرطين في أية نقابة أو منظمة مهنية، 94 في المائة في الوسط الحضري و99 في المائة في الوسط القروي. في حين بلغت هذه النسبة 94 في المائة على الصعيد الوطني (4.672.000 شخص) في صفوف المستأجرين، مقابل 92,4 في المائة بالمدن (3.295.000 شخص) و98,3 في المائة بالقرى (1.377.000 شخص). في نفس الإطار، 8.344.000 نشيطا مشتغلا (أي 78,4 في المائة من مجموع النشيطين المشتغلين) على المستوى الوطني لا يتوفرون على تغطية صحية، مقابل 3.507.000 بالمدن (64,6 في المائة) و4.838.000 بالقرى (92,8 في المائة). وبلغت هذه النسبة 58,8 في المائة في صفوف المستأجرين (أي 2.922.000 شخص) على المستوى الوطني، و50,3 في المائة في الوسط الحضري (1.794.000 شخص) و80,5 في المائة في الوسط القروي (1.128.000 شخص). حوالي نشيط مشتغل من بين كل خمسة (2.278.000) غير راض على عمله وعبر عن رغبته في تغيير شغله. وتبلغ هذه النسبة 35,1 في المائة من مجموع النشيطين المشتغلين بقطاع “البناء والأشغال العمومية” (366.000 شخص).وتتمثل الدوافع الأساسية المصرح بها في الحصول على شغل يوفر مدخولا أكبر بالنسبة ل 71في المائة ، والعمل في ظروف أكثر ملائمة بالنسبة ل 9,4 في المائة، والرغبة في مزاولة شغل أكثر استقرارا بالنسبة ل 5,1 في المائة، والتوفر على شغل يتلاءم أكثر مع التكوين المحصل عليه بالنسبة لـ 5,2 في المائة. 3,5 في المائة من النشيطين المشتغلين (373.000 شخص) صرحوا أنهم لا يستطيعون التوفيق بين حياتهم الخاصة وحياتهم المهنية رغم كل الجهود المبذولة، 16,1 في المائة (1.713.000 شخص) يستطيعون التوفيق لكن بصعوبة كبيرة، و30,2 في المائة (3.214.000 شخص) يستطيعون ذلك لكن بصعوبة. ( تم اعتماد هذا المؤشر من طرف المفوضية الأوربية منذ سنة 2010 لتحديد الشباب الذين لا يعملون ولا يدرسون. هذا المؤشر يهم شريحة، أوسع من فئة الشباب العاطل، تشمل فئات أخرى في وضعيات متباينة، من بينها تلك التي تتسمب الهشاشة: الشباب الذين لا يقدرون ولا يريدون العمل لسبب من الأسباب، الشباب الذين تتكفل الأسرة برعايتهم، الشباب المتطوعون، الشباب في حالة إعاقة، الشباب الذين يبحثون عن التوجيه، والشباب الآخرين غير النشيطين. وتتضمن شهادات المستوى المتوسط، شهادات التعليم الابتدائي، الثانوي الإعدادي، وشهادات التأهيل أو التخصص المهني. بينما تتضمن شهادات المستوى العالي، شهادات التعليم الثانوي التأهيلي، التقنيين أو التقنيين الممتازين، وشهادات التعليم العالي (الجامعات المدارس والمعاهد العليا)

سابعا: العناصر التوجيهية لبرنامج عمل السكرتارية الكونفدرالية للشباب:

ان المهام المطروحة في الفترة الحالية واللاحقة على المستوى الكونفدرالي المركزي والقطاعي والترابي وخصوص على مستوى السكرتارية الكونفدرالية للشباب لمهام كبيرة وصعبة ضمن عناصر الوضع العام الذي تم تشخيصه في الفقرات السابقة لكنها ايضا مهام ممكنة بتوفير شروط العمل الجماعي والاقتناع بالقدرة على التأثير في الواقع المجتمعي وفي اماكن العمل وفي البنيات النقابية . ورغم تنوع البرامج والانشطة والمبادرات التي قامت بها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في العقد الاخير الى انها ضلت برامج تفتقد لاطار استراتيجي مشترك يؤطر هذه المبادرات وتعميم ثقافة تشريك الشباب في بنائها والاسهام في تنفيذها وتقييمها على كافة المستويات التنظيمية

وفي افق تصميم برامج عمل من الشباب ومع الشباب  ولفائدة الشباب لا بد من الاقتراب اكثر من حاجياتهم وتطلعاتهم وتصميم برامج تلتصق اكثر بقدراتهم ومؤهلاتهم الشبابية وتعزيز كل الفرص المتاحة والممكنة لضمان توسيع مجال مشاركتهم في الحياة النقابية وتحسين بيئة الاستقبال تستحضر عناصر الاختلالات المتعلقة بالبناء الديمقراطي للمغرب وتعاضم الاهتزازات الاقتصادية والانتفاضات والهزات والحركات الاجتكاعية وهشاشة وضعيتهم على كافة المستويات التعليمية والتشغيلية وقضايا البطالة والهجرة والارهاب والتطرف وخصوصا الاجابة العملية عن الاسباب العميقة لعزوف الشباب بشكل عام والشباب العامل والعاطل عن ممارسة العمل السياسي والمدني و حق الانتساب النقابي الجماعي والمتضامن

الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تؤكد ان مستقبل العمل النقابي مرتبط عضويا بالشباب لبناء مجتمع ديمقراطي وتأسيس مشروع اقتصاد تنمية ومقاولة مواطنة وعدالة اجتماعي وحقوق كاملة لمجموع مكونات الطبقة العاملة . وضمن هذا الاطار تقدم هذه الوثيقة التوجيهية للعناوين الكبري لبرنامج عمل على مدى 4 سنوات لتلامس اوضاع الشباب المغربي وتقديم حلول عامة للنهوض بالشباب كفاعل في المجتمع وفي امكان العمل وفي النقابية وتقوية حضوره على مستوى البنيات التنظيمية المركزية والقطاعية والاقليمية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى