القضايا المهيكلة للعدالة الاجتماعية

دولة و مجتمع بدون فساد

رؤيتنا /  بالرغم من إنشاء الهيئة المركزية  للوقاية من الرشوة، ومجلس حماية المنافسة، والمجلس الأعلى للمحاسبات، و صياغة قوانين تنظيمية تنص على شفافية المعلومة، ومعايير التعيينات، ومحاسبة المسئولين، كلها ظلت حبرا على ورق وبدون تأثير فعلي في الواقع . وخير دليل على ذلك تصنيف منظمة الشفافية الدولية لسنة 2015 و2016.  مما يؤكد ان الفساد ليس ظاهرة فردية وحالات معزولة. بل أصبح أو تحول إلى منظومة متجذرة في الدولة والمجتمع. وجزء من بنية الاستبداد السياسي والاستبعاد الاجتماعي، والاستعباد البشري، والاستفراد بالقرارات.

هدفنا / تصميم برنامج سياسي وارادي لمحاربة انتشار الفساد في بنيات الدولة والمجتمع، يمكنهما من بناء قدرتهما على تعبئة الموارد. وتوفير الإيرادات اللازمة لتمويل الإنفاق العمومي، وتطوير جودة الخدمات العمومية المقدمة، وفرص الاستثمار في البني التحتية والمرافق العمومية، ويمكن من تحفيز النمو الاقتصادي، والاستثمار النظيف. واحترام القانون ومتطلبات الشفافية الكاملة.  ويوفر شروط التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للخيرات والثروات .

تشخيصنا / أعلنت منظمة تران برنسي الدولية بتاريخ 27 يناير2016 مؤشر الرشوة برسم سنة 2015 . حيث احتل فيه المغرب المرتبة 88 من ضمن 168 دولة بنقطة 36 على 100، ويعكس هذا المؤشر صورة المغرب المتدهورة لدى الوكالات الدولية، على مستوى القضايا المتعلقة بالحكامة ومحاربة الرشوة. ويعكس هشاشة الخطاب الرسمي في محاربة الرشوة منذ 2011. واستمرار الإفلات من العقاب. إن تأثير الفساد السياسي والاقتصادي والمؤسساتي واضحا، عندما نستحضر ارتفاع درجة الحرمان التي وصلت عتبة 45%، وتجاوزت نسبة الفقر 15%، وتساهم ثلاث جهات فقط من 12 جهة في ثلثي الثروات الإجمالية المنتجة، كما أن 5% من السكان يستغلون 40% من الناتج الداخلي الخام، مما يبين عطب الفوارق الاجتماعية، وأوجه الشطط في نظام التوزيع. واحتلال المغرب المركز 130 في سلم التنمية البشرية؛ يكشف عن تدهور ظروف العيش، وتدني الفرص المنتجة للدخل، وتجدر الإشارة إلى أن المغرب يخسر سنويًّا نقطتين من معدل النمو الاقتصادي و60000 فرصة عمل بسبب تفشي الفساد في بنية الدولة والمجتمع.

احتل المغرب حسب مؤشر الفساد، المرتبة 88 من ضمن 168 دولة بنقطة 36 على 100(2016)

ازداد الفساد الإداري والمالي وتهريب الأموال تضخمًا في العقود الأخيرة، بمعدل 4 مليار دولار في السنة (40 مليار درهم).  والاستعمال الفاسد للإدارة و النفوذ العام، من أجل تحقيق مصالح خاصة ومكاسب شخصية، ويغيب التوزيع العادل للثروة، وتضيع مقدرات الدولة الطبيعية والحقوقية والمعرفية، في غياهب الفقر والجهل والمرض. ويعد المغرب بؤرة شاسعة للفساد حسب المؤشرات الدولة وتقارير وطنية رسمية وغير رسمية، تكثر فيها الاختلالات والانحرافات التي تنخر كيان الدولة، وهذا ما يفسر اتساع الفوارق بين أصحاب الأموال والفقراء والمحتاجين. و يستفحل الفساد داخل المؤسسات للحصول على خدمات عمومية، والمحسوبية في سياسات التشغيل والدعم، بالإضافة إلى تزايد حالات الاختلاس المالي بالمؤسسات العمومية والتهرب الضريبي وتهريب الاموال.

يؤثر الفساد في المغرب على تقليص نسب الاستثمار النظيف، وهيمنة التلاعب بالمواصفات، وافساد مناخ الأعمال، وغياب التنافسية. كما أن عمليات الخوصصة لقطاعات عمومية استراتيجية قدمت لشبكات المنتفعين وأعيان السلطة.  و تفاقم مظاهره منح رخص النقل العمومي، واستغلال المناجم، واستغلال مساحات شاسعة من كثبان الرمال، والاراضي الفلاحية وتوزيع الإكراميات والرخص والهبات والامتيازات للرعايا المستندين إلى شبكات اقتصادية ودوائر سياسية. والإعفاءات الضريبية الكلية أو الجزئية لبعض القطاعات الاقتصادية، كالقطاع الفلاحي، والتعليم الخاص، والعقار والسياحة… إلخ، وأيضًا في الحصول على الصفقات العمومية والتدبير المفوض وصندوق المقاصة، وأخيرا رهانات الفساد التي تلوح في الأفق بسبب قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص. بالإضافة إلى الممارسات الاحتكارية وضياع حقوق المستهلك في مستوى الأسعار والشروط التجارية وفي الخدمات التعليمية والصحية بالقطاعات الخاصة. مما يترتب عنه تكريس للأسواق السوداء وبتهريب الأموال والتدفقات المالية غير المشروعة والتي وصلت إلى 532 مليار درهم خلال الفترة الممتدة بين 2005 و 2014. مما يشكل إهدارًا لما يقارب 6% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا، ويؤدي إلى تقليل فرص التنمية في كل عقد، كما أصبح المغرب حديقة خلفية تستورد المال غير الشرعي، بمعدل خسارة يصل لملياري دولار سنويًّا. بالإضافة الى مصادرة حقوق فئات واسعة من الأجراء في التغطية الصحية والاجتماعية، نتيجة عدم التصريح بهم بالضمان الاجتماعي من طرف عدد من المقاولات بالقطاع الخاص، رغم إجرائها اقتطاعات من أجورهم. و انتشرت وسط العديد من منتجي العلاجات ممارسات فاسدة و غير قانونية، تفرض على المؤمنين وضع شيكات لضمان استشفائهم و الأداء نقدا “تحث الطاولة” بدون فاتورة، رغم أنهم يتوفرون على التغطية الصحية.

مقترحاتنا / الديمقراطية الحقيقية وبناء دولة المؤسسات والمحاسبة مدخل اساسي لمحاربة الفساد. و تفعيل القانون في حق «الجهات والأشخاص الفاسدين». و تكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وحماية الشهود والمبلغين. و ضمان الحق في الوصول إلى المعلومة. و تنظيم المبادرات الشعبية بخصوص قضايا الفساد. والعمل على تكريس استقلالية القضاء. و محاربة الفساد السياسي والانتخابي.

التصريح بالممتلكات الاجباري. وصفاء الذمة الضريبية، أو متابعة قضائية وقواعد الإفصاح المالي، والامتثال للتفتيش كشروط لتحمل المسؤولية العمومية والنيابية والسياسية. و تعزيز كل آليات رفع الوعي العام، وفتح المجال أمام الإعلام للقيام بدوره، وترسيخ قيم الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص  ومحاربة الفساد.  والإسراع بفتح ملفات الفساد المعروضة على القضاء من طرف المجلس الاعلى للحسابات وتقارير لجان التقصي التي تعددت بدون جدوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى