مواقفنا

سحب مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب

تنزيل مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب

موقف الكونفدرالية الديمقراطية للشغل من المشروع

أسباب موضوعية لسحب مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15  من مجلس النواب وإعادة وضعه في إطار التفاوض الثلاثي الأطراف.

عناصر نقدية للمشروع شكلا ومضمونا من أجل إعادة هيكلته وصياغته والتوافق حوله.

لــــمــــاذا؟

I – سحب المشروع من مجلس النواب ؟

1- على مستوى احترام المبادئ العامة المؤسسة والمؤطرة لتنظيم الإضراب والخلفيات التي تحكمت في وضعه مباشرة بمجلس النواب.

– المشروع  تم إعداده بشكل أحادي من طرف الحكومة وخارج منهجية الإشراك الفعلي للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية وتم وضعه بمجلس النواب في خطوة استباقية لفرض الأمر الواقع بالاعتماد على الأغلبية البرلمانية وبنفس الخلفية أحيل على مجلس النواب بدل مجلس المستشارين مخالفا لأحكام الدستور لتفادي مواجهته من طرف المجموعة النيابية الكونفدرالية على مستوى اللجنة المختصة كما وقع مع مشروع الإصلاح المشؤوم لنظام التقاعد.

– الحكومة وبطريقة ملتويةـ استدعت المركزيات النقابية ” للتشاور” حوله بعدما تمكنت من فرض أو مقايضة التوقيع على ما يسمى باتفاق 25 أبريل 2019 مع المركزيات النقابية الثلاثة، حيث تضمن هذا الاتفاق إهانة للحركة النقابية واحتيال على القانون بتمرير أسلوب     “التشاور” الدخيل على مبادئ منظمة العمل الدولية حول القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب قبل بداية دراسة من طرف اللجنة المختصة بمجلس النواب قصد المصادقة عليه، وهي عملية احترازية لتفادي النقاش المسؤول والرفض المبرر بالحجج القانونية والمعبر عليه خلال جولات الحوار الاجتماعي لسنة 2016 والذي كان سببا الى جانب رفض الحكومة تنفيذ التزامات اتفاق 26 أبريل 2011 وزيادة 600 درهم صافية، في عدم التوصل إلى اتفاق اجتماعي آنذاك.

2- المشروع يخرق مبادئ منظمة العمل الدولية وتوصياتها وإعلاناتها المصادق عليها من طرف جميع الدول الأعضاء وآخرها إعلان الذكرى المئوية لمنظمة العمل الدولية الصادر في مؤتمرها الأخير بجنيف يوم 21 يونيو 2019 والذي شارك فيه كل من رئيس الحكومة ووزير التشغيل.

3- المشروع مخالف لأصل دسترته المبني على قدسية هذا الحق وشرعيته التاريخية وضامن لحق ممارسته وكذلك منافي مع المهام الدستورية للنقابات.

4- المشروع لا يحترم روح الاتفاقية الدولية 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية الحق النقابي والتي لم يصادق عليها المغرب الى حد الآن، علما أنها تعتبر إلزامية رغم عدم التوقيع عليها لأنها من الاتفاقيات الدولية الأساسية.

5- المشروع لم يعتمد المقاربة التي ساهمت في إخراج مدونة الشغل الى حيز الوجود والتي اعتمدت تفاوضا وتوافقا بين أطراف الإنتاج وبالتالي صادق عليها البرلمان بالإجماع، واختارت الحكومة من خلال هذه المقاربة خلق توترا اجتماعي مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل عن طريق هذا المشروع مباشرة بعد توقيعها على ما سمي باتفاق 25 ابريل 2019 باعتباره ضوء أخضر من الموقعين.

6- المشروع لم يتضمن ديباجة أو مذكرة تقديمية تؤكد على ضمان الحق في ممارسة الإضراب كحق مضمون دستوريا ومكفول بالتشريعات والمواثيق والاتفاقيات الدولية.

7- المشروع يفرض بشكل تعسفي مراجعة مدونة الشغل وهو المدخل الذي تسعى من خلاله الحكومة تمرير مراجعة مواد أخرى من المدونة للمزيد من المرونة في الشغل وهو ما يتضمنه أيضا الاتفاق المهزلة 25 أبريل 2019.

8- الحكومة لم تعمل على إلغاء ومراجعة التشريعات والمقتضيات القانونية التي تنتهك الحرية النقابية ومن ضمنها إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يتم بموجبه اعتقال ومحاكمة النقابيين بدعوى عرقلة حرية العمل.

II – لماذا يجب رفض المشروع وإعادة صياغته بشكل متفاوض ومتوافق حوله على مستوى الشكل والمضمون مقارنة مع مبادئ منظمة العمل الدولية وتقارير أجهزتها (لجنة الحريات النقابية ولجنة الخبراء ولجنة تطبيق الاتفاقيات والتوصيات) وانسجاما مع روح الاتفاقيات الدولية الأساسية ؟

1- المشروع قيد بشكل كامل ممارسة حق الإضراب وقلص من مجالاته وجعله جد محدود وبدون تأثير بل منع العديد من أشكال الإضراب إما صراحة وقطعا أو بشكل ضمني وحسب منظمة العمل الدولية فكل أشكال الإضراب مشروعة بما فيها الإضراب السياسي والتضامني مادامت تحافظ على الطابع السلمي كما  اعتبرت أن منع الإضراب أوعرقلته يعتبر منعا لحق ممارسة الإضراب ويقلل من الوسائل المتاحة للنقابة من أجل الدفاع عن مصالح أعضائها  ومنخرطيها ويعد تقييدا لحقها في تنظيم أنشطتها وهو ما يخالف مبادئ الحرية النقابية.

2- يؤسس المشروع لمسطرة معقدة وتعجيزية لقرار الإعلان عن الإضراب ومسطرة التبليغ تجعل القيام بإضراب شرعي أمرا مستحيلا، ويعمل المشروع على فرض شروط مطولة وشاقة تسبق الإضراب للتفاوض والمصالحة والتحكيم بحيث يصعب الدعوة إلى إضراب قانوني.

3- إضافة إلى اعتماد المشروع على إجراءات تعقيدية الى حد استحالة ممارسة الحق في الإضراب فهو ذهب بعيدا في ممارسة التخويف والترهيب وتهديد الأجراء بإضافة إجراءات تستهدفهم بشكل مباشر ماديا وقضائيا بالعقوبات الجنائية الأشد والتعويض عن الخسائر المادية، وتعتبر منظمة العمل الدولية هذه الإجراءات قيدا على إمكانية ممارسة النقابات مهامها في الدفاع عن حقوق الأجراء وقيدا على إحدى أهم الوسائل المتاحة للعمال في الدفاع عن مصالحهم وتؤكد على ضرورة حماية العمال من هذه الإجراءات التعسفية ( العقوبات، السجن، التعويض عن الخسائر- العمل القسري …) لا يجوز إطلاقا تطبيق عقوبات جنائية على العمال الذين يشاركون في الإضراب.

4- ينحاز المشروع للمشغل حيث يجعله يملك السلطة الإدارية والتنفيذية بالمقاولة كما يملك ويتحكم في السلطة التنظيمية والتشريعية ويملك في نفس الوقت السلطة التأديبية وهكذا أعطى المشروع للمشغل كل هذه السلط في مجال ممارسة حق الإضراب ومن خلالها يتم الحد منه أو المنع أو إضعاف تأثيره كما وضع السلطة العمومية والسلطة القضائية تحت تصرفه.

5-  يفتح المشروع مجالا واسعا لتدخل السلطة العمومية في ممارسة حق الإضراب كتعليق الإضراب بقرار من السلطة القضائية لمّا يتعلق الأمر بالخدمات الأساسية وتؤكد منظمة العمل الدولية في هذا الصدد أنه لا يجوز أن تلجأ السلطات الى هذه الإجراءات إلا في الحالات التي تهدد القانون تهديدا خطيرا ويعتبر استخدام أجهزة الأمن لإنهاء الإضراب انتهاكا للحقوق النقابية.

كما أن اعتماد السلطة العمومية والإكراه من أجل استمرار المرافق العمومية كما ورد في المشروع كالعمل الجبري يعتبر خرقا للاتفاقيتين الدوليتين 29 و 105 المصادق عليهما من طرف المغرب.

6- المشروع ربط قرار الإضراب بإجبارية المفاوضة أو الوساطة أو التحكم كشرط لممارسة حق الإضراب ويعتبر غير مقبول من مبادئ الحرية النقابية أن يسمح القانون أو سلطات العمل أن تحول نزاعات الشغل الى التحكيم الإجباري كلما ترى لها ذلك كما تعتبر لجنة الحريات النقابية أن نظام لتفاوض والتحكيم الإجباري يعتبر تقييدا أو منعا لممارسة حق الإضراب.

7- المشروع عمل على توسيع غير مبرر للفئات والقطاعات بكاملها التي يحرمها ويمنعها من حق ممارسة الإضراب بشكل كلي مع العلم حسب منظمة العمل الدولية أن ممارستها الإضراب لا يهدد بشكل أساسي وآني الصحة والسلامة والأمن ومن جهة أخرى دون أن يكون هذا المنع مصحوبا بالضمانات التعويضية التي تمكنهم من الدفاع عن حقوقهم المهنية والاجتماعية بشكل فعال وسريع مع الجهات والسلطات المختصة.

8- المشروع يعتمد على تعريفات ومفاهيم غير مكتملة وبلغة بعيدة عن البعد الحقوقي وعن تعاريف منظمة العمل الدولية، تسعى إلى منع أو تقييد ممارسة هذا الحق والى إضعاف العمل النقابي وتفتح المجال واسعا للتأويل وللتدخل والتوجه المباشر للأجراء المضربين.

9- يؤكد المشروع أن حرية العمل مضمونة للأجراء غير المضربين وبالمقابل يمنع المضربين من احتلال أماكن العمل خلال مدة سريان الإضراب لكن لجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية تشير الى مشروعية الاعتصام سلميا في أماكن العمل ودعوة العمال الآخرين للانضمام للإضراب ولو في حزم أو دعوتهم للابتعاد عن أماكن العمل حقا من الحقوق النقابية كما اعتبرت استخدام عمال من خارج المنشأة ليحلوا محل العمال المضربين اعتداءا على حق الاضطراب والحرية النقابية.

10- الحكومة لم تعتمد على إلغاء ومراجعة التشريعات والمقتضيات القانونية التي تنتهك الحرية النقابية ومن ضمنها إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي والذي يتم بموجبه اعتقال ومحاكمة المسؤولين النقابيين بدعوى عرقلة حرية العمل.

و أخيرا..

يجب وضع المشروع بعد التفاوض والتوافق حوله بمجلس المستشارين بناء على المادة 78 من الدستور نظرا لطابعه الاقتصادي والاجتماعي والمهني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى